إنَّا لا نضيع أجر من أحسن عملاً
إنَّ الحياة مزيج من الصراعات المختلفة بين الأضداد، كالصراع بين الخير، والشر، وبين الحق، والباطل، وبين الظالم، والمظلوم، وبين العالم، والجاهل ... إلخ، ومن أبرز هذه الصراعات هو المواجهة المستمرة بين الأطماع المادية الجافة، وبين الروحانيات التي لا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها، ولكن ماذا يجب على الإنسان فعله؟ وإلى جانب مَن عليه أن يقف وينحاز؟ لا بدّ له أن يكون في الصف الروحي، وأن يميل إلى الخير دائماً، وأن يكون محباً للعطاء، ولا يبخل بما لديه من إمكانيات في سبيل خدمة المجتمع، وخدمة من حوله من الناس بغض النظر عن حجم الجزاء الذي يتلقاه مقابل ذلك، فيشعر حقيقة بالطمأنينة، والراحة النفسية التي نحتاجهما بشكل ملح في خضمِّ الضغوطات الثقيلة على القلب والمشاعر في هذه الأيام المزدحمة بالأطماع البشرية، والسعي نحو الثراء والمال بغض النظر عن الطريقة المُوصلة لذلك، وعليه أن يتعلَّم من الطبيعة التي تحيط به، فهل يا ترى طلبت الشجرة يوماً جزاءً لثمارها وظلالها؟!، وهل منع النهر ماءه عن الجريان؛ لأنَّه لم يُكافَأْ؟!، وهل أصرَّ الطائر المغرِّدُ أخذ أجر؛ لأنَّه يُنشد ألحانَه العذبةَ، ويُطرب البشر والحجر؟!، والأمثلة كثيرة كثيرة، كما أنَّ الله عز وجل أراد من هذا المخلوق الذكيّ صاحب العقل أن يكون معطاءً، وأمره في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على عمل الخير دون انتظار جزاء مادي، بل سعياً فقط لابتغاء مرضاة الله جلَّ وعلا، وإخلاصاً لوجهه الكريم، فقال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (262) سورة البقرة، فالله سبحانه وتعالى لن يضيع عمل أي إنسان يعمل ويقدم كلَّ ما لديه، ولكن سيمنحه الجزاء الذي يستحقه في والدنيا والآخرة، وعلينا أيضاً أن نتعلَّمَ من الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وهو المثل الأعلى في التفاني والعطاء المخلص لوجه الله سبحانه وتعالى، فقد كان نبعاً دفَّاقاً لا يتوقف، وبذل حياته، وماله، وروحه، وجهده، وتعبه، ولم يترك لحظة واحدة من حياته إلا وجعلها في سبيل الله؛ وذلك لتبليغ رسالة الإسلام، ولم يبغِ من ذلك إلا مرضاة الله سبحانه وتعالى، والخير لهذه الأمة التي مازالت تنبض؛ لأنها من أتباع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
0 تعليقات