الرقم الصعب

أ. يوسف الشمري يوليو 03, 2024 يوليو 03, 2024
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A

  الرقم الصعب



الحياةُ فُرصٌ، وتحقيقُ ذاتٍ، وإثباتُ وجودٍ، وعمَلٌ مُخلصٌ، وابتعادٌ كبيرٌ عن الكسلِ، والخُمولِ، وسعيٌ مستمرٌّ نحو القمة، والتميُّز، وغير ذلك يؤدي إلى الفشل، والانحدار، والخيبة، فعليك أيُّها العاقل أن تبذل قصارى جهدك؛ لتصل إلى ما تصبو إليه، ليس ذلك فقط، بل لا بدّ أن تجدَّ سيرك؛ كي تكون في القمة، وتكون ذلك الرقم الصعب الذي يتعذَّرُ بلوغه، أو الوصول إليه، وإذا كان ذلك صعباً في كلِّ المجالات مجتمعة، فلا بدَّ لك من بلوغ هذا الرقم في مجال واحد على الأقل، فتَبرعُ فيه، وتصبح خبيراً لا يدانيك أي شخص، وهذا يحتاج منك تعباً، وسهراً، وتصميماً، وإصراراً، وإتعاباً مُتعمَّداً للجسم؛ لأنَّ الهدفَ سامٍ وعظيم، فما طعم الحياة إن كنتَ على الهامش، وغير مؤثِّر في المجتمع من حولك؟!، ويحضرني هنا قول الشاعر المتنبي:


            وإذا كانَتِ النُّفوسُ كِباراً تَعِبَتْ في مُرادِها الأجسامُ


فهيّا، ولا تتقاعس، واملأ حياتك بالجدِّ المتواصل على كافة الأصعدة، ولكن صُبَّ جُلَّ اهتمامِك على جانب واحد، وكن فيه تلك القمَّةَ العاليةَ التي يراها الجميع وهم مَرفوعُو الرّأسِ، ولكن لا يصِلُ إليها أحد، فلا داعي للخوف، أو التردُّد، أو الحذر المبالغ فيه، فهذه من المثبطات التي تقيد حركة الإنسان السائرة نحو الأمام، وتجعلُه في قاعِ الحياةِ، وصدقَ أبو القاسم الشابيّ حين قال:


           ومَنْ يتهيَّبْ صُعودَ الجِبالِ       يَعشْ أبدَ الدَّهرِ بينَ الحُفَرْ


وتاريخنا المجيد مليء بالأمثلة التي لا تُنسى، وأعظم هذه الأمثلة شخصيةٌ لن يَمرَّ مثلها، طبَقَتِ الآفاقَ، وعمَّتِ الدُّنيا، ونشَرَتِ العِلمَ، والفِقهَ، والشَّهامةَ، والرُّجولةَ، والشَّجاعةَ، والإيمانَ، والتَّضحيةَ، والصدق، والإخلاص، وكانت قمة في ذلك حقاً، وهذه الشخصية هي عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه الذي كان رقماً صعباً بكلِّ ما تحمله الكلمة من معنى؛ لأنَّه حاز مكارماً، ودرجة لم يَحُزْها أحدٌ غيره، ومنها أنَّه حمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سنٍّ مبكّرة، كما أنَّه في غزوة خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَأعطيَنَّ هذه الرَّايةَ غداً رجلاً يفتح اللهُ على يديه، يُحبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّهُ اللهُ ورسولُه"، وأعطاها لِعليٍّ رضي الله عنه، فاجْعلْهُ قدوةً لكَ تسيرُ على خُطاه؛ كي تتحقَّقَ رغباتُكَ في الوصول إلى قِمَّةِ القِمَمِ، وهو ما يُسمَّى الرّقمُ الصَّعب.

شارك المقال لتنفع به غيرك

أ. يوسف الشمري

الكاتب أ. يوسف الشمري

twitter instagram telegram

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

1113363916006075119
https://www.teacheryousef.com/?m=1