الإدارة الطفولية
الإدارة فنّ بكلِّ ما تحمله الكلمة من معنىً، لا بلْ هي بحر واسع مترامي الأطراف، وعلى المرء أن يتقِنَ العَومَ فيه، وليست مجرّد منصب يتفاخر به صاحبه، ويتعالى على غيره، والمدير الناجح هو الذي يدرك تماماً المعطيات التي حوله، ويوظفها بشكل مناسب وفعّال؛ للوصول إلى نتيجة رائعة، وكلّما زادت خِبرة وحِنكة المدير أصبح أكثر إتقاناً لِعمله، وصنَعَ كَياناً راسِخَ الأركانِ ممتدَّ الفروع، وللإدارة أنواع عديدة منها: الإدارة الاستراتيجية، والإدارة الديمقراطية والإدارة الاستبدادية وغيرها كثير، وأرى أنّ هناك نوعاً من الإدارة لا بدّ أن أتحدث عنه، وأحبّ أن أسمِّيه (الإدارة الطفوليّة)، ويبرز هذا النوع عندما يكون المدير عنيداً جداً دون مبرِّر، ولا يتّخذُ القَرارات المناسبة، وتراه رغم تصرفاته الخاطئة المسُتفزَّة مُصرّاً على أفعالِه، ومُتمسِّكاً بها، وربما يكون على دراية بأنَّ ما يقوم به ليس صواباً، ولكن يصرّ كلَّ الإصرار عليه، ويتابع مسيره البعيد عن الحقيقة فقط لمجرّد العِناد، ولا يستمع أبداً إلى نصائح من حوله، حتى ولو كانوا من أصحاب الخبرات، والشهادات العالية، وبهذه التصرفات والإجراءات غير المحسوبة والمُتسرعة دون تفكير وتحليل عميق لكل العناصر الموجودة يصبح هذا المدير كالطفل الصغير تماماً الذي يفكّر تفكيراً محدوداً ومحصوراً في حدود عالمه المتواضع الحالم، ثمّ يتمسك بأفعاله ويُعانِدُ فيها وسط استغراب وتعجّب المحيطين به، وإنَّ هذا النّمط من الإدارة يمثّل خطراً جسيماً على المؤسسات، والدوائر، والشركات؛ لأنَّه يساهم مساهمة كبيرة في تراجع أدائها، وقلة كفاءتها، وضعفها، وتغدو فريسة سهلة المنال للشركات أو المؤسّسات المنافسة، وتفقد ثقة عملائها وزبائنها، وتكون نهايَتُها حَتماً الاندثار والزوال، إلّا إذا عاد لهذا المدير وعيه، وأدرك خطأه، وعمل على تصحيحه.
فكنْ مديراً واعياً متفاعلاً ذكياً نشيطاً متعاوناً متفهّماً لآراء الآخرين ونصائحهم، بعيداً عن العِناد، وعند ذلك فقط تكون ناجحاً.
0 تعليقات