ملخص كتاب فن اللا مبالاة

أ. يوسف الشمري يونيو 16, 2024 يوليو 07, 2024
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A

 




فن اللا مبالاة






الكتاب: فن اللا مبالاة:

المؤلف: مارك مانسون

عدد الصفحات: 269 صفحة

الناشر: منشورات الرمل




فكرة الكتاب


هو أحد كتب تطوير الذات التي حققت شهرة كبيرة في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات فهو موجه للذين يريدون عيش حياة تخالف المألوف، والخروج من شبح المفاهيم التقليدية بأن التفكير الإيجابي هو الحل لعيش حياة سعيدة، حيث يتحدى مارك في كتابه هذا المفهوم مبرزاً أن السعادة ليست بالضرورة أن يكون الانسان متفائلاً وإيجابياً، بل يجب معرفة كيفية مجابهة ومقاومة المشاكل التي يتعرض لها الانسان في حياته، مقسماً كتابه الى عدة فصول وكل فصل قام بتقديم أفكار وحلول لكيفية ايجاد السعادة دون تغليف الحقائق بالسكر على حد قوله.


يقسم الكاتب تسعة فصول حيث يتناول كيفية تغلب الإنسان على عقبات حياته بطريقة منطقية بعيداً عن التهرب والخوف منها وهي:

1. لا تحاول

2. السعادة مشكلة

3. لست متميزاً

4. قيمة المعاناة

5. أنت تختار دائماً

6. أنت مخطئ

7. الفشل طريق النجاح

8. أهمية قول لا

9. وبعد ذلك تموت



الفصل الأول: " لا تحاول "


البداية مع " تشارلز بوكوفسكي" الذي كان مدمناً على الكحول، ومقامراً وزير نساء، وبخيلاً ايضاً، يعمل كموزع بريد ومنظم رسائل، لكنه أراد أن يكون كاتباً لكن كل أعماله وكتاباته رفضت سواء في دار النشر - أو الصحف فكان يزداد عليه الاحباط يوما بعد يوم مما يدفعه لاحتساء الشراب محاولة منه للتخلص من الاكتئاب الذي يلازمه. 


بقي بوكوفسكي 30 عاماً على هذه الحال، عند وصوله لعامه الخمسين أبدى أحــد دور النشر الصغيرة اهتماماً بكتابه، فقبل العرض ووقع على العقد فكتب أول رواية له في ثلاثة أسابيع تحت اسم "مكتب البريد" والتي حققت له نجاحاً كبيراً لم يكن يحلم به أبداً، فنشر المئات من الروايات والقصائد وباع أكثر من مليوني نسخة.

وبعد وفاته وعند النظر إلى قبره وجدنا أنه منقوش فيه "لا تحاول"، حيث أن نجاح بوكوفسكي لم يأتي من تصميم أو مثابرة بل من تقبله لوضعه كفاشل ولم يحاول النجاح، إلى أن أتته الفرصة إلى قدميه، لم يكن مبالياً بالنجاح لكنه نجح، لم يكن راغباً في الثراء لكنه حقق الثراء.


كل إنسان بداخله مشاعر سلبية ومشاعر إيجابية ولكن طبيعتنا البشرية تجعلنا نظهر فقط المشاعر الإيجابية للآخرين حتى وإن كنا في أتعس الحالات أو نمر بظروف سيئة ونقلل من إظهار المشاعر السلبية الحقيقية، مارك يقول هنا لا نحاول إخفاء أي شيء علينا أن نعيش بالمشاعر الحقيقية التي بداخلنا والابتعاد عن المشاعر المزيفة والتصنع أثناء تعاملنا مع الآخرين، فحينما نحس بالمشاعر السلبية ونفكر فيها ونبدأ نتعامل على أساسها سنعرف كيف نجد لها حلاً ونتجنب الوقوع فيها مرة أخرى، لا نحاول إخفاء الأحاسيس السيئة بل علينا أن نتعايش معها.


" تأتي المرونة والسعادة من معرفة ما يجب الاهتمام به والأهم من هذا أنها تأتي من معرفة ما ينبغي عدم الاهتمام به "


كان من الشيء العجيب أن يكتب هكذا على قبره، وخاصة بعد نجاحه الساحق الذي حققه بعد سنين من الفشل، إلا أن البطل لم يتنازل عن عرش فشله، وأنه رأى نجاحه ليس فوزاً، بل إنه شخص فاشل وهو يتقبل هذه الحقيقة بالرغم من كل شيء ويحس بالراحة تجاه نفسه فهو بالنهاية لم يصبح مشهوراً عن طريق تحوله لشخص أفضل، بل نجح من شدة فشله هذا.


 كثيرًا ما يأتي النجاح والتطور الذاتي مترافقين معًا، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه شيء واحد، وهنا أشار بالأمر القاطع وبقوة التعبير أن جميع الأحلام التي نحلمها والنصائح التي نتزود بها ترتكز دوماً على ما نفتقر إليه، مثل أن نتعلم أفضل الطرق لكسب المال وهذا لقناعتك بقله راتبك ووقوفك أمام المرآة والتكرار الدائم جملة أنا شخص جميل وهكذا.


إن ثقافتنا اليوم أساسها المثالية، يجب أن تكون مثالياً دائماً وأبداً، حتى أنه يعتمد عليك لتنقذ الكوكب ذات يوم، لو توقفنا لبرهة عن التفكير نجد أن ما نحاول فعله تماما هو سدّ حاجاتنا ومواطن نقصنا.


إنّ الرغبة في الحصول على المزيد من الأشياء الإيجابية هي تجربة سلبية بحدّ ذاتها، والمفارقة أنّ قبول المرء تجاربه السلبية هو تجربة إيجابية في حدّ ذاتها، والغريب أنّه كلّما ركزنا على أن نكون إيجابيون فقد أضعنا الوقت لنكون إيجابيين فعلا فليس لذلك وقت، دع الأحلام وعش الواقع وعزّز ما أنت عليه.

تتجلى في عالمنا اليوم ظواهر كثيرة منها الدعاية إلى المزيد والمزيد.. والمزيد، أشتري أكثر أكسب أكثر... عليك المبالاة بالحصول على الأكثر دائماً.

 ولمَ كل هذا ؟ صحيح أنه لا خطأ في الحصول على وظيفة جيدة لكن للمبالغة في أي شيء مضار جسمية وعقلية.


" فالمفتاح هو الاهتمام الأقل والاهتمام المقتصر على ما هو حقيقي آني هام "

الفصل الثاني: " السعادة مشكلة "


السعادة عندنا مرتبطة بأهداف معينة فمثلاً نقول سأكون سعيداً حينما أحصل على وظيفة أو حينما أتزوج الزوجة التي أريدها أو حينما أصبح غنياً، ولكن كلما كان لديك أهداف قصيرة المدى مثل هذه لن تعرف كيف تصل إلى السعادة ولن تحققها أبداً، لأن الأهداف القصيرة سوف تحققها سريعاً وتضع لنفسك أهدافاً أخرى وهنا لن تصل إلى مستوى السعادة الذي تريده، لأن السعادة هي نوع من أنواع العواطف فهذا لا يعني إذا لم أحقق هذا الهدف لن أكون سعيداً فهي غير مرتبطة بأي أهداف معينة فأنت ستكون سعيداً حينما تقرر أن تكون كذلك، وحاول أيضا أن تبتعد عن فكرة أن أكون سعيداً حينما لا توجد لدي مشاكل في الحياة لأن الحياة كلها عبارة عن مشاكل ستحل مشكلتك الآن وتقع في مشكلة. إقتنع بأن السعادة هي إحساس داخلي يمكنك أن تتحكم فيه متى تريد سواء كنت قد حققت هدف معين أو لا، عش سعيداً بما تملك لتحصل على ما لا تملك.


يروى عن قصة ابن الملك الذي تربى عزيزاً مكرماً، لا يشوبه شائبة، ولا ينقصه شيء من ملذات الحياة، والذي لا يعرف طعم المعاناة يومًا، ولكن عندما كبر وقرر أن يرى ما وراء سور قصره الذي بناه والده لفصله عن العالم الآخر، يرى شعبًا يملؤه الفقر والمرض و الأسى، شعباً لم يذق طعم النعيم، لينصدم من هول ما رآه، ويضع الحق على والده، ويستنتج سخف حياته، وحينها يقرر أن يهرب خلسة لعيش تلك الحياة وليكتشف من خلالها جوهرها، فيصبح مشرداً يذوق كل أنواع العذاب من مرض وجوع وبرد، ولكن في النهاية لا يصل إلى مبتغاه، وأن الألم لم يعلمه الشيء الذي يريد بل بقي مشرداً فقيراً يجوب البلاد.

 

ليتوصل في النهاية " أن الحياة نفسها نوع من أنواع المعاناة: يعاني منها الأثرياء بسبب ثرائهم ويعاني منها الفقراء بسبب فقرهم ويعاني منها من ليس لديهم أسرة بسبب عدم وجود أسرة ويعاني منها من لديهم أسرة لأن لديهم أسرة. ليس معنى هذا أن أنواع المعاناة جميعها متساوية بالتأكيد هناك معاناة أشد ألماً من معاناة أخرى، ولكن بالرغم من ذلك نعاني جميعاً من المعاناة ".


" السعادة نشاط و ليس شيء يأتينا و نحن في حالة سلبية"


الفصل الثالث: " لست متميزاً "


التميز في نظر مانسون هو وهم تضع فيه نفسك لا غير، لأنك تقتنع بأنك شخصاً متميزاً في مجال ما فستتوقف عن تطوير نفسك وستنتظر من الآخرين أن يعاملوك بأسلوب مختلف خاص بك أنت فقط ، ولكن المشكلة هي حينما لا تتحقق رغبتك ستحس بالإحباط وستبقى منعزلاً عن الناس عكس إذا كنت تعتبر نفسك شخصاً عادياً حتى وإن كنت محترفاً في مجال ما ستستمر في التعلم وتعامل الناس كما تحب أن يعاملوك وسوف ينجذب إليك الناس ويحبونك كونك متعطش للعلاقات ومتعطش لتطوير نفسك إلى الأفضل.


هنا أيضا قصة لشخص نشيط يرى الحياة أمامه، إيجابي ويقدر ذاته إلى أبعد الحدود، إنه شخص مهم بمنظوره وكل الناس بحاجته، وفي جعبته قائمة بأسماء الأشخاص الهامين والمشهورين حول العالم قد تعاملوا معه وطلبوا مشورته، فهو لا ينفك بالتكلم عن نفسه، إلا أنه في الحقيقة ليس بهذا القدر، بل أقل من ذلك بكثير، ما زال عاله على والديه، يأخذ نقودهم من أجل المرح والحفلات والمعيشة، كما أن أعمامه وعماته لم يسلموا من متطلباته المالية، يقوم بإقناع أصحاب الأعمال ليشاركوا معه، ويلح عليهم ليعطوه فرصة ليلقي كلمة أمام الجمهور من دون معرفة ماهي و ما يجب قوله، وحين تنتقده يصفك بالجاهل الغبي الذي يغار منه ومن نجاحاته.


هذا ما يسموه التقدير العالي للذات، أن يكون للمرء أفكار ومشاعر إيجابية تجاه نفسه، وقد أشارت الأبحاث أن الأشخاص الذين يقيمون أنفسهم تقييماً عالياً يكونوا أصحاب أداء أفضل ويسببون نسبة أقل من المشاكل في المجتمع، لذا أصبح تقدير الذات في عقد السبعينات موضوعاً يتناوله الأهل ويشد عليه المعالجون النفسيون والمدرسون، ليصبح بعدها جزء من السياسة التعليمية أيضاً.


ولكن تعالوا أن نناقش الأمر على أرض الواقع، في الحقيقة الأمر بالنسبة لبطل الرواية سيء أكثر مما هو جيد، ليس تقدير الذات كافياً وحسب، كان عليه أن يضحي بجانب تقديره العالي للذات، وهذه هي المشكلة التي تواجه الكثيرين للأسف، على كل حال عنوان هذه الفقرة ليس مخصصاً فقط للأشخاص النرجسيين، بل للذين أيضا يرون العالم من فوقهم وهم في قعر الدنيا.


الفصل الرابع: " قيمة المعاناة "


بدأ مانسون هذا الفصل بحكاية الملازم هيرو أونودا الياباني - الذي تم ارساله الى جزيرة لوبانغ في الفيليبين لإبطاء تقدم القوات الأمريكية هناك، لكن استطاعت الولايات المتحدة أن تستولي على هذه الجزيرة، وأطلقت قنبلتين ذريتين على هيروشيما و ناغازاكي، فاستسلمت اليابان، أما القائد أونودا فقد اختبأ في الأدغال، وقام بقتال كل من يدخل الادغال حتى بعد انتهاء الحرب وإرسال منشورات بانتهائها إلا أنه لم يصدق ذلك، واستمر في قتل الناس لعدة سنين، قام سكان المنطقة بمهاجمة الجنود إلى أن قتلوا جميعاً وبقي " أونودا "، بعد ربع قرن من انتهاء الحرب فأصبح لغزاً محيراً وأسطورة اليابان في ذلك الوقت، إلى أن وجده أحد المغامرين اليابانيين في هذه الأدغال.


 كثيرا ما يكرس الانسان نفسه وحياته من أجل قضية قد تبدو لا معنى لها ظاهرياً، ولكن تجد هذا الانسان سعيداً بهذه القضية رغم المعاناة التي يعانيها من أجل اتمام قضيته، والأغرب أنه لا يندم على ذلك أبداً، فالمعاناة أحيانا تولد السعادة بطريقة غير مباشرة.


إذا رغبت في تغيير نظرتك للمشاكل فإنه عليك ان تغير ما كنت تعتبره ذا قيمة بالنسبة إليك، وكل ما تقيس به نسبة نجاحك أو فشلك، هناك مقاييس تؤدي إلى مشاكل يسهل حلها وهناك مقاييس تؤدي إلى مشاكل صعبة الحل أو لا حل لها، هناك مجموعة من القيم التي تخلق المشاكل للإنسان ويصعب حلها، مثل: المتعة التي قد تنجم عنها مشاكل لا يمكن حلها جرياً وراء تحقيق المتعة، وهناك النجاح المادي أيضاً، أن تكون على صواب دوماً، الحرص على الإيجابية دوماً.. فهناك قيم جيدة وأخرى سيئة على الفرد التمييز بينها لتحقيق التطور الذاتي والنجاح في حياته.


المعاناة هي التي تجعلنا نصل إلى النتائج التي نريدها وهي التي تساعدنا على تطوير أنفسنا في مجالاتنا حتى نحقق النتائج المرجوة، فبدل أن نركز على الهدف أو النتيجة التي نريدها بشكل مباشر علينا التركيز على الثمن الذي سندفعه مقابل وصولنا إلى تلك النقطة.


فمثلاً إذا أردت الحصول على جسم مثالي فالثمن هنا يتمثل في التدريب بشكل يومي لمدة معينة من الوقت كلما ركزت على المعاناة فالنتيجة ستأتي لوحدها ولكن كلما تعلقت بالنتيجة ولم تعطي اهتماماً للمعاناة لن تحصل على أي نتيجة، فلن تستطيع تحمل الألم الذي ستواجهه في الطريق لأنك لم تضعه في الحسبان.


الفصل الخامس: " أنت تختار دائماً "


إذا كنت تجد نفسك تعيساً في وضعك الراهن، فمن المحتمل كثيراً أن يكون ذلك الإحساس ناجماً عن جزء منه على الأقل من أمر خارج عن إرادتك، هنالك مشكلة ليست لديك قدرة على حلها، مشكلة فرضت عليك فرضاً من غير اختيار من جانبك أما عندما نحس أننا اخترنا مشكلاتنا، فأننا نشعر بالتمكن منها، عندما تحس أن مشكلاتنا مفروضة علينا ضد إرادتنا نرى أنفسنا تعساء ونرى أنفسنا ضحايا.


إذاً ما الحل؟

الحل بثلاث قصص لثلاثة أشخاص مشهورين يتعرضون لظروف خارجة عن إرادتهم وكلاً منهم استثمر بطريقته الخاصة، فمنهم من كان يريد الانتحار في نهاية المطاف ثم تراجع ليصبح واحد من أيقونات علم النفس الأمريكية، ومنهم من بدأ من جديد لينتقم بنجاحاته إلا أنه في نهاية الأمر ظل بائساً تعيساً لأنه لم ينس ألم الماضي محاولاً تجاوزه برغم من نجاحاته الجديدة، ومنهم من كان مثل قصة البطل الثاني إلا أنه كتب نهاية أكثر سعادة له، وكل ذلك لأنهم قرروا في نهاية الأمر التحكم بالألم و كل منهم على طريقته.


ما الذي فعلوه هؤلاء الأشخاص ؟

كل ما فعلوه هو أنهم أدركوا أن عليهم أن يكونوا مسؤولين عن كل شيء بحياتهم بغض النظر عن الظروف الخارجية، يجب أن يحاربوا لتحسين وضعهم لا لوضع اللوم على القدر، فنحن دوماً نقوم باختيار طريقنا والمقاييس التي نقيس بها والقيم التي نتعلمها، وأن الحدث يكون جيدًا أو سيئًا بحسب المقياس الذي قمنا باستخدامه، بالتأكيد الحياة مليئة بالأشياء التي تجعلنا تعساء ولكن من يهمه الأمر بما يخص سعادتنا ؟ نحن المسؤولين عن ذلك، نحن من يجب علينا السعي لسعادتنا، بالمقابل ليس كل شيء من صنع الحياة، بل بعضها من صنع أيدينا، لسنا دوماً الطرف البريء، علينا أن نعلم أن جزء من مأساتنا نحن سببها بشكل أو بآخر.


هناك الكثير من الزخم المعلوماتي الذي نسمعه ونراه فيؤثر على اهتماماتنا من الأولى علينا أن نختار بما نهتم بعدها سنواجه مشكلات في طريق اهتمامنا هذا، الاختلاف الوحيد بين المشكلة المؤلمة وتلك التي تبعث فينا الطاقة والحماس هو مدى اهتمامنا و قدرة تسييرنا للأمور والذي ينعكس على اختيارنا للمشكلة بحد ذاتها، إن صحّ القول فإننا سنكون متمكنين والعكس فإننا سنكون تعساء محبطين، وبناءً على ما سبق يجدر بنا الأخذ في الاعتبار أننا لسنا قادرين على التحكم بما يحدث لنا ولا ما يصيبنا، لكننا قادرون على التحكم بكيفية تفسيرنا واستجابتنا لما يحدث وهذا استناداً على قيمنا ومقاييسنا؛ ولأن مشاكلنا تخصنا نحن بالدرجة الأولى إذاً نحن مسؤولون عنها سواء من حيث حدوثها أو نتائجها أو المعاناة التي سنمر بها، لذا يجب فرض سيطرتنا وتجنيد كل سلطتنا للظفر بالحل المناسب.


فشلنا بالدرجة الأولى عائد لأننا لم نتحمل أية مسؤولية اتجاه أفعالنا، لنعود للقول أنه كل تجاربنا السلبية هي بحد ذاتها تجربة إيجابية، وعملية الاختيار ممارسة يومية لنا في كل لحظة لكننا لا ننتبه لها ولا نعطيها حقها، فالتغيير أمر بسيط بساطة شربك للقهوة في كوب غير معتاد، فقد ينكسر الكوب يوماً، ولكن عندما تشتري كوباً جديداً فلن يكون من السهل أن تقبل أنك تشرب في كوب غير كوبك.


" إننا لا نستطيع دائمًا التحكم في ما يحدث لنا، ولكن يمكننا بالتأكيد اختيار ما يعنيه لنا وكيف نرد عليه مما يكون لدينا العادة الدائمة "


إذا فعلت شيء نابع من ذاتك و مرغوب فيه و إذا فعلت نفس الشيء و هو مفروض عليك سوف تكون النتيجة مختلفة تماما، بالنسبة للمرة الأولى سوف تكون ناجحاً فيها أما بالنسبة للثانية سوف تكون تجربة مخيفة و مؤلمة، عندما نختار مشاكلنا نشعر بالتمكين، وعندما تكون مشاكلنا مفروضة علينا ضد إرادتنا فإننا نرى أنفسنا تعساء، فعلينا دائماً أن نتحكم في كيفية تفسير ما يحدث لنا إضافة إلى كيفية تحكمنا في استجابتنا له.


" أنا لم أختر هذه الحياة، ولم أختر هذه الحالة المخيفة حقاً، لكن علي أن أختار كيف أتعايش معها. نعم علي أن أختار كيف أتعايش معها "



الفصل السادس: " أنت مخطئ "


قدم الكاتب في هذا الفصل مجموعة من الاعتقادات الخاطئة التي كان يؤمن بها الناس قديماً، مثل اعتقاد العلماء أن كاليفورنيا جزيرة، أما الأطباء فكانوا يعتقدون أن ثقب الإنسان أو جرحه في مكان من جسده يؤدي الى خروج المرض منه.


الفشل والخطأ ليس سبب لنهاية العالم بل القاعدة عليك الارتكاز عليها من أجل تحقيق النجاح، فقولك بأنك مخطئ لا ينقص من قيمتك بل يساعدك على النضوج والبحث عن مكان الخطأ ومحاولة تحسينه.


 أنت لا تنتقل من خطأ إلى صواب مباشرة، بل تنتقل من خطأ كبير إلى خطأ أخف تأثيراً حتى تصل إلى الصواب بعد عدة أخطاء، فلست مطالباً بإيجاد الإجابة الصحيحة بل عليك البحث عن مواطن الخطأ لتتخلص منه وتكون مخطأ بنسبة أقل في المرة القادمة. 

من السهل عليك البقاء في مكانك وقول بأنك لست مرغوباً لتعاني الألم والوحدة وحدك، بدل أن تقوم من مكانك وتجرب ذلك لتتيقن إن كنت مرغوباً أولا، فمثل هذه الاعتقادات قد تعطي لك مقداراً من السعادة على المدى القريب لكنها سيئة جداً لك على المدى البعيد.


قد تخطئ في اعتقادك وفهمك لبعض الأمور مما يجعلك لا تقدم على فعل شيء سوى التشاؤم فقط، بل على العكس تحرك من مكانك، اختبر الاشياء، تأكد من اعتقاداتك إن كانت صحيحة أم خاطئة ولا تتأثر بما يقال لك، بل حوله إلى سلاح يساعدك على تطوير الذات وتقوية الشخصية والنجاح مستقبلاً .


هذه المرة بطلنا قضى حياته وهو يعتقد أن كل الأفكار التي تراوده صحيحة ومؤكدة، من حين كان طفلًا ومراهقاً وحتى مرحلة البلوغ، إلا أن أفكار كل مرحلة ما قد تبدلت في المرحلة الأخرى، وهو من الشيء المتوقع حدوثه بكل تأكيد، إلا أننا وبمرحلتنا الحالية نحمل من العناد ما يجعلنا أن نفكر أننا توصلنا للنهاية لم يبق شيء غائب عنا وأفكارنا هي الصحيحة والتي سنستمر عليها إلى الأبد، وهذا ما جعل بطلنا حائراً فهو يتعرض للتغيير المستمر، ولكن هكذا يكبر الأولاد وهكذا يخلق الوعي، فنحن لا ننتقل من الخطأ إلى الصواب عندما نتعلم شيئًا جديدًا، لكننا ننتقل من خطأ إلى خطأ أقل بمقدار طفيف.


 إن اليقين عدو التطور، فبدلا من الجري وراء اليقين، علينا أن نكون بحالة شك دائم شك بمعتقداتنا، في أحاسيسنا، وما قد يحمله المستقبل لنا، فبدلاً من السعي على أن نكون دوماً على صواب، يجب أن نبحث على الخطأ الموجود في حياتنا، لأننا مخطئون دوما.


وهذا هو روح الاقتناع والتغير، كما ضحكنا على أفكار من قبلنا، سيأتي من هم في جيل بعدنا ويضحكون على أفكارنا الحمقاء الآن، فالخطأ أعطاهم فرصة للنمو والتطور، بالتالي الخطأ ليس بذلك السوء الذي تتوقعه، ولكن هذا لا يعني اكتشاف الأخطاء أننا انتقلنا إلى مرحلة الصواب، إنه موضوع معقد من ناحية البحث عن الصحيح، فنحن دوماً نخطئ في تفسير الأحداث، نعيش بكذبة ما نسمع وما نحس وماذا يقولون لنا والأمر الأكثر خطراً هو عقلنا وقلبنا، فالعقل والقلب يخطئ كثيراً في التفسير الصحيح للشيء، يخلق لنا أوهاماً، تخلق لنا ذاكرتنا أحداثا ليست دومًا بالصحيحة، بل هو فعل لا إرادي منها في مرحلة بحثها عن الفوضى الذي بداخل عقلنا اللاواعي، لا أحد يعلم ما هو الصحيح، لا يوجد صح كلياً، أنه أمر نسبي كل ما عليك فعله دوماً أن ترفع هذه النسبة في حياتك.


عليك مقاومة إغراء التأكد

من خلال قاعدة " أنا لا أعلم كل شيء " سوف تجبر على الحفاظ على عقل مفتوح يسعى إلى الاكتشاف والمعرفة.

بعض الأسئلة التي ينصح الكاتب بأن تسألها هي:

- ماذا لو كنت مخطئاً ؟

- ماذا سيعني لو كنت مخطئاً ؟

- هل سيكون من الخطأ أن أكون مخطئاً ؟

- إن الخطأ يعنى أنك تنمو وتتطور، فهو يحسن الحياة و يطورها والنمو هنا يعنى أننا ننتقل من خطأ إلى خطأ أقل بمقدار طفيف، فكلما نخطئ يعنى أننا نقترب أكثر من الحقيقة والكمال.

الفصل السابع: " الفشل طريق النجاح "


هنا يحكي مارك مانسون عن حياته وكيف قابله الفشل ليعيش متشرداً، حتى أنه نام فوق أريكة صديقه لأسابيع، وهو يبحث عن إيجاد عمل يسد به لقمة عيشه، فيقول " كنت محظوظا بالفشل " فهذا الفشل هو الذي جعله يغير تفكيره ويساعده على النجاح، حيث ساهم فشله في إيجاد عمل له على أن يفتح مدونته ويبدأ بالتدوين فيها، مع احتمال ألا يجني منها شيئاً ولكن هذا الاحتمال لم يكن يزعجه في تلك الحالة، والأن أصبح أحد أكبر المدونين في العالم وأشهرهم ولاقت مدونته نجاحاً كبيراً لدى الناس.


يقول سألت نفسي هل أقبل العناء في وظيفة ما بأجر محدود أم أبقى مفلساً ؟ أم أصبح رائد أعمال على الانترنت وأبقى بعض الوقت مفلساً ؟ وكانت إجابته سريعة باختيار الخيار الثاني، وقد كان الخيار الثاني صائباً، والدليل هذا النجاح الكبير الذي حققه من مدونته اليوم، والسبب في ذلك أن الفشل حفزه للنجاح.


"مفارقة الفشل تعني النجاح، فحجم نجاحك في شيء ما معتمد على عدد مرات فشلك فيه فإذا كان شخص ما أفضل منك في عمل ما فكن متأكداً أنه فشل في فعل ذلك أكثر منك فقط، فإذا فشلت وتوقفت فأعلم أنك لن تنجح، افشل حاول ثم حاول حتى يحالفك النجاح."


يعتمد حجم النجاح في كل أمر على عدد مرات الفشل فيه، وبقدر ما يكون أناس أحسن منك فإنهم فشلوا أكثر منك في الأمر نفسه. فالنجاح يمر بمراحل منها الفشل ثم تجنب الفشل كأن تصل لمرحلة ناجحة من الفعل أو نفعل ما نحن جيدون فيه فقط، وهذا يقيّدنا ويجعلنا نعيش روتينا مملاً، كما لا يمكن تجاهل الألم والمعاناة التي نلقاها في طريقنا، فالفشل يدفعنا للأمام وهذا كافٍ، وما بقي علينا هو القيادة في الطريق الذي يوصلنا لهدفنا المنشود، من ركائز حياتنا ألا نعرف وأن نفعل شيئا بالرغم من ذلك.


وقبل التحفيز هناك ما يسمى بالإلهام الانفعالي وهو أن تعرف كيف تفعل وأنت لديك العديد من الأفكار منها حلول المشكلات التي قد تواجهك وأخرى حول كيف تبدع في عملك حتى تكون متميزاً، أما عن الانفعالات فهي تلك الحالة من اللاسكون واللاراحة حتى يحدث الفعل المطلوب ونحقق نجاحه.


عن بابلو بيكاسو الذي قام بالرسم على منديل ورقي لوحة تكعيبية رائعة والذي قرر رميها، أتت إليه إمرأة لشرائها، فأجابها بأنه يريد بها عشرون ألف دولار، وحين استغربت المرأة لهول السعر وقالت له لقد استغرقت فقط دقيقتان لرسمها فأجاب بمنطقية: لا يا سيدتي لقد لزمني الأمر ستين عاماً حتى أرسمها في دقيقتين.

"حجم نجاحك في شيء ما معتمد على عدد مرات فشلك في فعل ذلك الشيء "

إذا كان شخص ما أفضل منك في أمر ما، فمن المحتمل كثيراً أنه فشل فيه أكثر مما فشلت أنت، وإذا كان شخص ما أسوأ منك، فمن المحتمل أن السبب هو أنك فشلت مرات أكثر منه، هذا ما أوضحه الكاتب والذي أعطى مثالاً عن الطفل الصغير عندما يتعلم المشي، كم سيقع ليفلح في النهاية ؟

بالتالي عليك التذكر جيداً وأن تقتنع جيدًا، لا يمكن أن تكون ناجحا في الأشياء التي لا تريد الفشل بها فعندما تتجنب الفشل فأنت تتجنب النجاح أصلاً، بكل الأحوال مقياس الفشل يمكنك التحكم به وتحديده، إنه أمر هام بالطبع بربط الفشل بشيء ما لا تخشاه عندها يمكنك التقدم.


لا يجب عليك الخوف من الألم أن يردك عن العمل الصحيح، كثير من الأشخاص أصبحوا أفضل بتعايشهم مع الألم، أصبحوا أناس أفضل، لم يكن الألم لديهم سوى تغذية روحية لخروجهم من ذلك الجحر اللعين إما يتقدمون مع القليل من الألم، أو يبقون على ألمهم ذاك، مع المزيد من الشكوى التي لا تنتهي.

"إن الاخفاقات تأتي من اختيار القيم الخاطئة، والحياة تعني الوقوع ثم الوقوف مجدداً إذا كنا غير مستعدين للفشل فنحن غير مستعدين للنجاح".


الفصل الثامن: " أهمية قول لا "


قام ذلك الفتى الذي قرر أن يتذوق طعم آخر للحياة بعيدًا عن وطنه وبعكس أصدقائه الذين تزوجوا وأصبح لهم عائلاتهم الخاصة وعملهم الخاص، قرر السفر لخمس وخمسين دولة للعمل والمتعة وتجربة الحرية، رغبة منه في اكتشاف العالم وثقافات الشعوب المختلفة، وفي أخر بلد له فهم مغزى الذي استفاد من تجاربه وسفره وأهمية الرفض الذي اتبعه في بداياته مما ساعده على الوصول بعيدا وتحقيق النجاحات المختلفة. 


في روسيا مثلا لا يوجد عند شعبها التصنع فإذا أعجبته سيقولها في وجهك، وإذا لم تعجبه لن يتصنع الابتسام والضحك بل سيقول بأنك غبي مباشرة، فالصراحة عندهم أمر إيجابي عكس الغرب الذي تعتبر فيه الصراحة أمر عدائي جداً.


السفر أداة رائعة من أجل تطوير الذات والثقة بالنفس وبناء الشخصية، فهي تنتزع منك قيم ثقافتك وتعرفك على قيم الشعوب الأخرى، حيث يمكنك العيش بثقة مع الشخص الذي أمامك في روسيا عكس الغرب الذي لا يمكنك أن تثق في الشخص الذي أمامك ثقة عمياء، لأن ثقافة الصراحة غير موجودة لديهم.


 الرفض يجعل حياتك أفضل، عليك أن ترفض شيئا ما في حياتك لتغدو أفضل من ذي قبل، فإن كنت ترغب في شيء ما فعليك أن ترفض الباقي من أجله، وإن لم يكن لديك ما ترغب فيه فأعلم أنك إنسان فارغ في حياتك، وضع قيمة لنفسك يتطلب منك رفض قيم أخرى من أجل ذلك.


يجب عليك أن ترفض شيئًا ما، لكي تغدو بمعنى، فإذا لم تصادف شيئًا أفضل من شيء آخر، أو مرغوباً بالنسبة لك أكثر من الآخر، فأنت إنسان تعيش حياة بلا معنى، تعيش حياة من غير قيم ومن غير غاية، أما الرغبة في تجنب الرفض مهما تكن التكلفة، أو رغبتك في تجنب المواجهات، أو رغبتك أن يكون كل شيء منسجماً ومنسقاً فهو شكل من أشكال الشعور الزائد بالاستحقاق، يهتم صاحبه بأن يكون متميزاً طيلة الوقت، لا يشعر بأي سوء ولا يريد لأحد أن يشعره بسوء، بالتالي يعيشون حياة تسوقها المتعة والاستغراق في الذات، يتجنبون الفشل وأي نوع من أنواع المعاناة.

يقع الأشخاص الذين لديهم شعور زائد بالاستحقاق في واحد من فخين خلال علاقاتهم إما أن يتوقعوا من الطرف الأخر تحمل المسؤولية عن مشاكلهم، أو أنهم يتحملون قدراً زائداً عن مشكلات الطرف الآخر، لأن ذلك يساعدهم في تجنب قبول المسؤولية عن مشكلاتهم، ونتيجة ذلك تكون علاقاتهم هشة زائفة ناتجة عن محاولة تجنب لألم داخلي بدلاً من التقدير الحقيقي للذات.


إن الطريقة الوحيدة لتحقيق إحساس بالمعنى في حياتك هي رفض الحرية الكاملة وغير المحدودة واختيار بدلاً من ذلك الالتزام بشيء ما مثل مكان أو علاقة أو حتى اعتقاد رفض بعض الخيارات أحياناً هو الطريق الوحيد لوجود المعنى وشعور المرء بأهمية حياته، علينا أن نهتم بشيء ما حتى نستطيع أن نرى فيه القيمة الحقيقة.


يستخدم المؤلف نفسه كمثال: التركيز على الكتابة فقط أعطى موقعه نجاحًا أكثر مما يمكن أن يتخيله على الإطلاق.


إن اهتمامنا بأمر ما يعني أن ترى قيمة فيه لذا علينا أن نرفض ما ليس فيه أو ليس له علاقة، وهذا مهم لنحافظ على قيمنا و نحدد ما نهتم به ونختاره، وهي رغبة أيضا لتجنب المواجهة والنزاع بين اهتمامين أو تخصيص وقت لكل منهما وقبول المساواة.


إذاً فالرفض مهارة يجب التمتع بها، وهذا لا يعني تواجدنا دائماً في علاقة اهتمام واحدة فبعد استقرارها يمكننا اتخاذ اهتمام جديد آخر والعمل عليه من خلال قول لا لأنفسنا أولاً فالنفس تريد وتريد، إن تحقيق الاهتمام يتطلب صحتنا ولا تشمل فقط الصحة الجسدية بل هناك ما هو أهم أي الصحة النفسية، وللثقة مكانة محفوظة يجب أن تبنى ويحافظ عليها، فالثقة هي التطبيق العملي لكل من حدود المسؤولية والصراحة.


الفصل التاسع: " وبعد ذلك تموت "


يقول الكاتب: مررت بأهم لحظة تحول في حياتي عندما أخذني صديقي "جوش" إلى حفلة في مدينة دالاس، حدث ذلك ونحن صغار في هذه الحفلة تعلم أن عليه القيام بما يسعده قبل موته لأنه عند تحقيق أهدافه جميعاً بعد ذلك يموت على حسب قوله. ذلك الفتى الذي خسر صديقه المفضل، والذي لم يتعافى من ذكراه لفترة طويلة، وجعله يشعر بالاكتئاب طيلة الوقت ويحلم به كثيراً، ليصل لنتيجة مهمة هو أنه إذا لم يكن هنالك سبباً لفعل أي شيء، فما سبب أيضاً عدم فعل أي شيء.


تحت مبدأ افعل شيئا ما يروي مانسون عن حكاية أثارت فيه الخوف فبعد الكثير من المعاناة والفشل قام بفتح مدونة على الانترنت ثم حصل على عمل نهاري طيلة ستة اسابيع، ترك الوظيفة ليكرس نفسه لمدونته، حيث يقول بأنه استولى عليه الرعب في اليوم التالي عند استيقاظه، فلم يجد سوى حاسوبه ومدونته فقط، هنا بدأت نصيحة أستاذه تدخل عقله، عندما أخبرهم أستاذ الرياضيات عند مواجهتك لمشكلة لاتعرف حلها لاتبقى تفكر فيها فقط، بل افعل شيئا حتى وإن لم تعلم ما تفعل، لأن الأفكار والحلول ستأتيك اتباعا حتى تجد الحل.

بهذا المبدأ استطاع مارك تكبير مدونته، وتمكن من تحقيق مبالغ كبيرة لم يكن يطمح بها يوما فقد كافح في بداية عمله على الإنترنت، إلى أن استطاع تحقيق النجاح الذي جاء بعد عدة عثرات بعد العديد من الفشل.

"مواجهة الموت حتمية، لا مبرر أبداً لأن يستسلم المرء أمام خوفه أو حرجه أو شعوره بالخجل، إذا أمضيت من حياتي القصيرة أتجنب ما هو مؤلم ومزعج، فهذا يعني أنني أتجنب أن أكون حيًا"


تحدثنا عن القيم والمقاييس كثيراً، لكن ما الذي يقيس القيم والمقاييس ؟ إنه الموت، نسمع عنه كثيراً وعن فظاعته وذلك الألم الذي يخلفه بقدر ما تشرح عنه لا يمكنك فهمه حتى تعيشه وبقدر ما يكون بعيداً سيكون أمراً عاديا فقط كالخروج في رحلة أو السباحة أو نزهة على الشاطئ وغيرها، لكن عليك الاقتراب أكثر من أحلامك حتى لا تكون عشت هباءً.


الموت يخيفنا، ولأنه يخيفنا نتجنب التفكير به، حتى لو أصاب شخصاً قريباً لنا، ولكن الأمر في النهاية لولا وجود الموت، لبدا لنا كل شيء معدوم الأهمية ولصارت القيم والمقاييس كلها صفرًا. 


و يطرح كتاب إنكار الموت فكرتين أساسيتين هما:

1 - الانسان هو الكائن الوحيد القادر على تصور نفسه والتفكير فيها، فنحن ننعم بالقدرة على وضع أنفسنا في حالات وتحقيق تلك الحالة أو حالات أخرى مختلفة تماماً كما ويمكن نسخ واقعنا إلى واقع مغاير حيث نكون دائماً موجودين.

2 - الانسان نفسين نفس جسدية تأكل وتشرب وتنام وأخرى تتجسد في الأفكار والمبادئ والقيم لتشكل هويتنا.

كما يمكن موت أحد النفسين دون الآخر فتعيش النفس الثانية من خلال أعمالاً مادية كانت أو معنوية ويبقى قبول حقيقة موتنا يوماً ما أمراً محتوماً حتمية الموت بذاته وهو ما يسمى عند بيكر بالترياق المرّ.


العبرة أن حياتنا ليست محض صدفة، قد خلقنا لغاية ما، غاية لم نعرفها، غاية سنعرفها بمنتصف الطريق أو في نهايته، أو يمكن أن لا نعرفها، إلا أنها بكل تأكيد توجد غاية ما من وجودنا، ولكن بإمكانك أن تعزز ذلك أكثر، بيدك تستطيع أن تخلق تلك الغاية، فمع موتك ستعتقد أن كل شيء سينتهي، ولكن قصة خلودك بإمكانك أن تكتبها، بإمكانك أن تجعل غيرك يتذكرك، بعمل ما بتطوير شيء ما يدخلك الموسوعات العلمية، بفعل إنساني ما يجعلك بذاكرة الكثير من الأشخاص الذين غيرت حياتهم.

بالطبع بإمكانك كتابة "قصة خلودك" فهو ليس الشباب الدائم بل الذكرى الحية الدائمة التي لا تمحى بمحوك أبدًا.


في نهاية الأمر لابد وأن تموت

هل سبق لك أن تحدثت عن الموت؟

على الأغلب لا نحن لا نفعل ذلك وهناك سببان أساسيان وراء اكتشاف ذلك وهي:

1 - رعب الموت: وهو القلق الوجودي العميق الذي يكمن وراء كل ما نفكر به أو نفعله

2 - مشاريع الخلود: البشر لديهم نفوس جسدية ذات أهمية هي هويتنا أو كيف نرى أنفسنا وكما نعلم أن قدرنا الجسدي هو الموت، فإننا نحاول أن نضمن ألا تنسى مفاهيمنا الذاتية 

هذا هو السبب في أن الناس يحاولون جاهدين الحصول على أسمائهم على المباني والتماثيل وعلى أغلفة الكتب.


الفكرة هي أن الناس لا يعيشون حقاً لأغراض الحياة ولكن لمشاريع الخلود نحن نعيش مع الرغبة في عدم الموت حقاً لذلك نحن لا نعيش حقاً.


إن الطريقة الوحيدة للراحة مع الموت هي أن تفهم وترى نفسك على أنها أكبر من نفسك لاختيار القيم التي تمتد إلى أبعد من خدمة نفسك، والتي هي بسيطة وفورية ويمكن السيطرة عليها ومن ثم تتسامح مع العالم الفوضوي من حولك هذا هو الجذر الأساسي لكل السعادة.


" عندما لا ندري ماهي الحياة، كيف يمكننا أن نعرف ما هو الموت "





في الختام

نسأل الله القبول لهذا العمل ، وأن يجعله علماً نافعاً ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

                                                                     

 كتبه

أ‌. يوسف الشمري



شارك المقال لتنفع به غيرك

أ. يوسف الشمري

الكاتب أ. يوسف الشمري

twitter instagram telegram

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

1113363916006075119
https://www.teacheryousef.com/?m=1